جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
299892 مشاهدة print word pdf
line-top
حد الماء القليل والكثير وحكمه إذا لاقته نجاسة

قوله: [والكثير قلتان من قلال هجر تقريبا، واليسير ما دونهما] وإنما خصت القلتان بقلال هجر لوروده في بعض ألفاظ الحديث؛ ولأنها كانت مشهورة الصفة، معلومة المقدار، قال ابن جريج رأيت قلال هجر فرأيت القلة تسع قربتين وشيئا، والاحتياط أن يجعل الشيء نصفا، فكانت القلتان خمس قرب تقريبا، والقربة مائة رطل بالعراقي، والرطل بالعراقي تسعون مثقالا.
[وهما خمسمائة رطل بالعراقي، وثمانون رطلا وسبعان ونصف سبع بالقدسي، ومساحتهما] أي القلتان.
[ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا. فإذا كان الماء الطهور كثيرا ولم يتغير بالنجاسة فهو طهور، ولو مع بقائها فيه].
لحديث بئر بضاعة السابق. رواه أحمد وغيره


الشرح: اصطلح الفقهاء على أن الماء قسمان: كثير وقليل، وحدوا القليل بما دون القلتين، والكثير ما بلغهما أو زاد عنهما، والقلة اسم لما يقل أي لمجمل، فيقال قله أي حمله من الأرض، والقلة هي الجرة الكبيرة التي تعمل من الطين ونحوه، كما تصنع الأزيار القديمة التي يجعل فيها الماء، وسميت بذلك لأن الرجل العظيم يقلها بيده أي يرفعها، وقد قيدها الفقهاء بأنها من قلال هجر وهي قرية قريبة من المدينة، وليست المدينة المعروفة في الأحساء وذلك لأنه قد جاء في الحديث إذا كان الماء قلتين بقلال هجر بل قد ورد التمثيل بها في حديث الإسراء الطويل في قوله -صلى الله عليه وسلم- عن سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر والنبق هو حملها، وقد ورد التمثيل بها لأنها كانت مشهورة عندهم؛ ولهذا قيد بها حد الكثير من الماء
وقد ذكر الفقهاء بأن قلتين من قلال هجر تعادلان خمسمائة رطل عراقي، وبما أن مائة رطل عراقي تزن قربة ماء تقريبا فإن القلتين إذا تساويان خمس قرب تقريبا، ونقول تقريبا؛ لأن المسألة ليست على سبيل التحديد، فلا يضر النقص اليسير كرطل أو رطلين، وقد قدر بعض المعاصرين القلتين بما يعادل مائتين وسبعين لترا، فإذا بلغ الماء هذا المقدار فخالطته نجاسة كثيرة أو قليلة ولم تغيره فإنه طهور، لقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث وفي رواية لم ينجسه شيء وأما ما دون هذا المقدار من الماء فإنه ينجس بوقوع النجاسة فيه ولو لم تغيره- هذا على المذهب-.
وقد عرفنا أن الصحيح في هذه المسألة أن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا إذا تغير بالنجاسة سواء كان قليلا أو كثيرا.
وأما حديث القلتين فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر حكما عاما فيه، وإنما كان قوله هذا جوابا لمن سأله عن الماء يكون في الفلاة ترده السباع، فذكر -صلى الله عليه وسلم- أن مثل هذا الماء المسئول عنه كثير عادة، فمن شأنه أن لا يحمل الخبث، وأما ما دون القلتين من الماء فلم يتعرض له النبي -صلى الله عليه وسلم- بحكم- كما قد عرفنا سابقا-.

line-bottom